الأحد، 5 يونيو 2011

قد يخسر من لايقرأها ويندم من لا يتعلم منها

قد يخسر من لايقرأها ويندم من لا يتعلم منها

حين وقفت المعلمة أمام الصف الخامس في أول يوم تستأنف فيها الدراسة , وألقت على مسامع التلاميذ جملة لطيفه نجاملهم بها , نظرت لتلاميذها وقالت لهم : إنني أحبكم جميعاً , هكذا كما يفعل جميع المعلمين والمعلمات , ولكنها كانت تستثني في نفسها تلميذاً يجلس في الصف الأمامي , يدعى تيدي ستودارد .

لقد راقبت السيدة تومسون الطفل تيدي خلال العام السابق ولاحظت أنه لا يلعب مع بقية الأطفال , وأن ملابسه دائماً متسخة , وأنه دائماً يحتاج إلى حمام , بالإضافة إلى أنه يبدو شخصاً غير مبهج , وقد بلغ الأمر أن السيدة تومسون كانت تجد متعة في تصحيح أوراقه بقلم أحمر عريض الخط تضع عليه علامات اكس بخط عريض , وبعد ذلك تكتب عبارة " راسب "في أعلى تلك الأوراق .

وفي المدرسة التي كانت تعمل فيها السيدة تومسون , كان يطلب منها مراجعة السجلات الدراسية السابقة لكل تلميذ , فكانت تضع سجل الدرجات الخاص بتيدي في النهاية , وبينما كانت تراجع ملفه فوجئت بشئ ما !!

لقد كتب معلم تيدي في الصف الأول الابتدائي مايلي " تيدي طفل ذكي ويتمتع بروح مرحه إنه يؤدي عمله بعناية واهتمام وبطريقة منظمة , كما أنه يتمتع بدماثة الأخلاق "

وكتب عنه معلمه في الصف الثاني : " تيدي تلميذ نجيب , ومحبوب لدى زملائه في الصف ولكنه منزعج وقلق بسبب إصابة والدته بمرض عضال , مما جعل الحياة في المنزل تسودها المعاناة والمشقة والتعب " .

أما معلمه في الصف الثالث الابتدائي فقد كتب عنه : لقد كان لوفاة أمه وقع صعب عليه لقد حاول الاجتهاد , وبذل أفصى ما يملك من جهود , ولكن والده لم يكن مهتماً , وإن الحياة في منزله سرعان ما ستؤثر عليه إن لم تتخذ بعض الإجراءات " .

بينا كتب عنه معلمه في الصف الرابع الابتدائي : " تيدي تلميذ منطو على نفسه , ولا يبدي الكثير من الرغبة في الدراسة , وليس لدبه الكثير من الأصدقاء , وفي بعض الاحيان ينام أثناء الدرس "

وهنا أدركت السيده تومسون المشكلة , فشعرت بالخجل والاستحياء من نفسها على ما بدر منها و وقد تأزم موقفها إلى الأسوأ عندما أحضر لها تلاميذها هدايا عيد الميلاد ملفوفة في اشرطة جميلة وورق براق, ما عدا تيدي فقد كانت الهدية التي تقدم بها لها في ذلك اليوم ملفوفة بسماجة وعدم انتظام , في ورق داكن اللون , مأخوذ من كيس من الأكياس التي توضع فيها الأغراض من بقالة , وقد تألمت السيدة تومسون وهي تفتح هدية تيدي , و انفجر بعض التلاميذ بالضحك عندما وجدت فيها عقداً مؤلفاً من ماسات مزيفة ناقصة الأحجار , وفارورة عطر ليس فيها إلا الربع فقط .. ولكن سرعان ماكف أولئك التلاميذ عن الضحك عندما عبرت السيدة تومسون عن إعجابها الشديد بجمال ذلك العقد ثم لبسته على عنقها ووضعت قطرات من العطر على معصميها . ولم يذهب تيدي بعد الدراسة إلى منزله في ذلك اليوم . بل انتظر قليلاً من الوقت ليقابل السيدة تومسون ويقول لها : إن رائحتك اليوم مثل رائحة والدتي !!

عندما غادر التلاميذ المدرسة , انفجرت السيدة تومسون في البكاء لمدة ساعة على الأقل , لأن تيدي احضر لها زجاجة العطر التي كانت والدته تستعملها , ووجد في معلمته رائحة أمه الراحلة ! , ومنذ ذلك اليوم توقفت عن تدريس القراءة , والكتابة والحساب , وبدأت بتدريس الأطفال المواد كافة " معلمة فصل ", وقد أولت السيدة تومسون اهتماماً خاصاً لتيدي , وحينما بدأت التركيز عليه بدأ عقله يستعيد نشاطه , وكلما شجعته كانت استجابته أسرع , وبنهاية السنة الدراسية أصبح تيدي من أكثر التلاميذ تميزاً في الفصل , وأبرزهم ذكاء , وأصبح أحد التلاميذ المدللين عندها . وبعد مضي عام وجدت السيدة تومسون مذكرة عند بابها للتلميذ تيدي , يقول فيها :
" أنها أفضل معلمة قابلها في حياته "
مضت ست سنوات دون أن تتلقى أي مذكرة أخرى منه . ثم كتب لها بعد ذلك انه أكمل المرحلة الثانوية وأحرز المرتبة الثالثة في فصله , وأنها حتى الآن مازالت تحتل مكانة أفضل معلمة قابلها طيلة حياته .

وبعد انقضاء أربع سنوات على ذلك , تلقت خطاباً آخر منه يقول لها فيه : " إن الأشياء أصبحت صعبة , وأنه مقيم في الكلية لا يبرحها و وانه سوف يتخرج قريباً من الجامعة بدرجة الشرف الأولى , وأكد لها كذلك في هذه الرسالة أنها أفضل وأحب معلمة عنده حتى الآن " .

وبعد أربع سنوات أخرى , تلقت خطاباً اخرمنه , وفي هذه المرة أوضح لها انه بعد أن حصل درجة البكالوريوس , قرر أن يتقدم قليلا في الدراسة وأكد لها مرة أخرى أنها أفضل وأحب معلمة قابلته طوال حياته , ولكن هذه المرة كان اسمه طويلاً بعض الشيء , دكتور ثيودور إف ستودارد !!

لم تتوقف القصة عند هذا الحد , لقد جاءها خطاب آخر منه في ذلك الربيع , يقول فيه : " انه قابل فتاة وانه  سوف يتزوجها و وكما سبق أن اخبرها بأن والده قد توفي قبل عامين , وطلب منها أن تأتي لتجلس مكان والدته في حفل زواجه , وقد وافقت السيدة تومسون على ذلك " والعجيب أنها كانت ترتدي العقد نفسه الذي أهداه لها في العيد الميلاد منذ سنوات طويلة مضت , والذي كانت إحدى أحجاره ناقصة , والكثير من ذلك انه تأكد من تعطرها بالعطر نفسه الذي ذكّره بأمه في آخر عيد ميلاد .
هنا اقبل لها الدكتور ( ستودارد ) وهمس في أذنها قائلاً لها : أشكرك على ثقتك فيَ , وأشكرك وأجزل الشكر على أن جعلتيني اشعر بأنني مهم , وأنني يمكن أن أكون مبرزاً ومتميزاً .

فردت عليه السيدة تومسون والدموع تملأ عينيها : أنت مخطئ لقد كنت أنت من علمني كيف أكون معلمة مبرزة ومتميزة و لم أكن أعرف كيف أعلم حتى قابلتك .

(تيدي ستوداردهو الطبيب الشهير الذي لديه جناح باسم مركز" ستودارد " لعلاج السرطان في مستشفى ميثوددست في ديس مونتيس ولاية إيوا بالولايات المتحدة الأمريكية ويعد من أفضل المراكز على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية )

ان الحياة ملأى بالقصص والأحداث التي ان تأملنا فيها أفادتنا حكمة واعتباراً
والعاقل لا ينخدع بالقشور عن اللباب ,
ولا بالمظهر عن المخبر ,
ولا بالشكل عن المضمون .

يجب ألا تتسرع في إصدار الأحكام  ,
وأن تسبر غور ما ترى
خاصة إذا كان الذي أمامك نفساً إنسانية بعيدة الغوار ,
مليئة بالعواطف ,
والمشاعر ,
والأحاسيس ,
 والأفكار .